
يمكن تعريف الاستقالة: بأنها إشعار من العامل موجه إلى صاحب العامل أو من يمثله، يتضمن رغبة العامل في ترك العمل بكامل إرادته، أثناء سريان عقد العمل، وقبل انتهاء مدته إذا كان العقد محدد المدة.
وإن أهم ما يميز الاستقالة أنها تكون لأسباب خاصة بالعامل نفسه، وليست لتوفر إحدى حالات الإنهاء النظامية المنصوص عليها في نظام العمل، والتي وردت في:
- المادة 74 من نظام العمل.
- المادة 81 من نظام العمل.
- المادة 87 من نظام العمل.
إذ لو توافرت حالة من حالات إنهاء العقد نظامًا؛ لاستفاد منها العامل مباشرةً دون الحاجة لتقديم استقالة أصلًا.
ومن الأسباب الخاصة بالعامل، والتي يمكن أن يقدم بموجبها استقالته -على سبيل المثال- ما يلي:
- الرغبة في الانتقال من مدينة إلى أخرى للإقامة بها.
- الرغبة في السفر لإكمال الدراسة.
- الرغبة في مميزات مادية ومالية أعلى لدى صاحب عمل آخر.
وفي جميع الأحوال فإن الاستقالة لا تعد سببًا مشروعًا يجيز للعامل ترك العمل، إلا بعد موافقة صاحب العمل على الاستقالة، فلو أن صاحب العمل رفض الاستقالة؛
فلا يجوز للعامل -في هذه الحالة- ترك العمل، وإلا التزم بسداد تعويض بموجب المادة 77 من نظام العمل.
كيف تقدم الاستقالة
لم يحدد نظام العمل شكلًا معينًا يلزم أن تقدم به الاستقالة، وهو ما يعني أن للعامل الحق في تقديم الاستقالة بأي صورة كانت سواء شفاهةً أو كتابةً، وسواء بموجب خطاب رسمي أو عن طريق الواتس آب أو أي طريقة أخرى.
ولكن الإشكالية التي تحدث في حال تم تقديم الاستقالة بصورة شفاهية؛ أنه يصعب بعد ذلك إثبات تقديم الاستقالة -أصلًا- أمام المحكمة ناظرة الدعوى،
وهو ما قد يترتب عليه اعتبار أن العامل ترك العمل دون سبب مشروع، ومن ثم؛ إلزامه بدفع تعويض ضخم لصاحب العمل بموجب المادة 77 من نظام العمل.
وبالتالي؛ فإننا ننصح بألا يتم ترك العمل بناءً على الاستقالة إلا إذا كانت مكتوبةً، بموجب خطاب رسمي، وموافق عليها من صاحب العمل أو من يمثله نظامًا.
الفرق بين الاستقالة وعدم تجديد العقد
قبل أن نوضح المسائل المتصلة بالـ استقالة بموجب المادة 77 من نظام العمل؛ فإنه يتعين أولًا بيان الفرق بين الاستقالة وعدم تجديد العقد، وذلك في النقاط التالية:
- الاستقالة يمكن تقديمها سواء في عقد العمل محدد المدة، أو الغير محدد المدة، أما عدم تجديد العقد فلا يتصور وجوده إلا في عقد العمل محدد المدة، والذي يتضمن شرط يقضي بتجديد مدته بصورة تلقائية.
- الاستقالة تكون لأسباب خاصة بالعامل، وليس لأسباب موجودة بنظام العمل، أما عدم تجديد العقد فيكون لسبب منصوص عليه في المادة (55) و(74) من نظام العمل، وهو انتهاء المدة المحددة بعقد العمل.
- الاستقالة يلزم أن يوافق عليها صاحب العمل حتى تكون سببًا مشروعًا، يتمكن بموجبه العامل من ترك العمل دون أن يتم إلزامه فيما بعد بدفع تعويض لصاحب العمل، أما عدم تجديد العقد فلا يلزم فيه موافقة صاحب العمل؛ إذ بمجرد أن يرسل العامل إخطارً لصاحب العمل يشعره فيه بعدم رغبته في تجديد العقد؛ فإن العقد ينتهي بانتهاء مدته دون الحاجة لموافقة صاحب العمل.
- بحسب الأصل فإن كافة المستحقات العمالية للعامل، والمترتبة على انتهاء عقد العمل، لا تختلف بين ما إذا كان إنهاء العقد بموجب الاستقالة أو بموجب إخطار بعدم تجديد العقد، ويكمن الاختلاف فقط في مكافأة نهاية الخدمة عند الاستقالة، والتي سنبين أحكامها بعد قليل؛ فيسعدنا متابعتكم في قراءة المقال.
إذا التبس عليكم أي نقطة من نقاط الفرق بين الاستقالة وعدم تجديد العقد؛ فيسعدنا تواصلكم معنا لنساعدكم في إزالة أي لبس.
استقالة بموجب المادة 77 من نظام العمل
إن الاستقالة بموجب المادة 77 من نظام العمل هي عبارة مغلوطة؛ إذ إن حقيقة الأمر أن الاستقالة ليس لها أي علاقة مباشرة بالمادة 77 من نظام العمل؛
حيث إن هذه المادة تتناول أحكام التعويض عن فسخ عقد العمل بصورة غير مشروعة، ولم تتطرق للاستقالة بأي شكل من الأشكال.
فالاستقالة لا يوجد لها نص نظامي سوى بالمادة 85 من نظام العمل، والتي تقتصر على تناول أحكام مكافأة نهاية الخدمة عند الاستقالة.
ولا شك أن الباحث بعبارة “استقالة بموجب المادة 77 من نظام العمل”؛ يسعى لمعرفة الإجابة عن سؤال محله (هل يلزم دفع تعويض إذا كان العامل قد ترك العمل بموجب الاستقالة؟).
وواقع الأمر أن الإجابة عن هذا السؤال في غاية البساطة، إذ لو أن صاحب العمل وافق على الاستقالة التي تقدم بها العامل؛ ففي هذه الحالة لن يستحق صاحب العمل أي تعويض بموجب المادة 77 من نظام العمل،
أما لو أن العامل قد ترك العمل بعد تقديم الاستقالة، ولكن دون أن ينتظر موافقة صاحب العمل عليها، أو رغم رفض صاحب العمل للاستقالة؛
فهذا يعد فسخًا للعقد من قِبَل العامل بصورة غير مشروعة؛ يترتب عليه إلزامه بتعويض صاحب العمل.
وبعد أن قمنا بإزالة اللبس حول البحث بعبارة “استقالة بموجب المادة 77 من نظام العمل”؛ فقد يثور التساؤل حول مدى استحقاق العامل مكافأة نهاية خدمة عند الاستقالة؟ تابع القراءة..
مكافأة نهاية الخدمة عند الاستقالة
من المفترض أن العامل بمجرد أن ينتهي عقد عمله لدى صاحب العمل؛ فإنه يكون مستحقًا لمكافأة نهاية خدمة بموجب المادة 84 من نظام العمل، ولكنه يوجد اختلاف دقيق في تحديد مكافأة نهاية الخدمة عند الاستقالة، حددته المادة 85 من نظام العمل.
إذ في حالة استقالة العامل من العمل؛ فيكون استحقاق وتقدير مكافأة نهاية الخدمة عند الاستقالة، على حسب مدة خدمة العامل المستقيل، وبيان ذلك على النحو التالي:
- إذا كانت مدة الخدمة أقل من سنتين متتاليتين؛ فلن يستحق العامل أي مكافأة عن فترة عمله.
- إذا كانت مدة خدمة العامل سنتين ولا تزيد على خمس سنوات؛ فسيستحق العامل ثُلث قيمة المكافأة المنصوص عليها في المادة 84 من نظام العمل.
- إذا زادت مدة الخدمة عن خمس سنوات وكانت أقل من 10 سنوات؛ فسيستحق العامل ثُلثي قيمة المكافأة.
- إذا بلغت مدة خدمة العامل 10 سنوات فأكثر؛ فسيستحق العامل كامل قيمة المكافأة المنصوص عليها في المادة 84 من نظام العمل.
حساب مدة الخدمة
لا شك أن حساب مدة الخدمة هو موضوع هام للعامل الذي يتقدم باستقالته؛ لكونه يترتب عليه تحديد مدى استحقاقه لمكافأة نهاية الخدمة من عدمه، فكما بينّا أعلاه أن استحقاق المكافأة يعتمد على طول مدة الخدمة أو قصرها.
وبصفة عامة فإن حساب مدة الخدمة يبدأ من تاريخ بدء العلاقة العمالية سواء بإبرام عقد العمل أو تولي العامل لمهام وظيفته، وينتهي في تاريخ انتهاء عقد العمل بأي صورة كانت.
علمًا بأن مدة الخدمة التي على أساسها يتم احتساب كافة الحقوق العمالية بما فيها مكافأة نهاية الخدمة، يطلق عليها -نظامًا- لفظ “الخدمة المستمرة“.
ويقصد بها: خدمة العامل غير المنقطعة مع صاحب العمل نفسه أو من يخلفه نظامًا، والمقصود بالخلف هو المالك الجديد في حال بيع المنشأة، أو ورثة صاحب العمل في حال وفاته، وتعد الخدمة مستمرة في الحالات الآتية:
- الإجازات السنوية، والمرضية، والإجازات الأخرى التي قررها نظام العمل.
- العطل المقررة نظامًا مثل عيدي الأضحى والفطر، والعيد الوطني.
- فترة الانقطاع لأداء العامل للامتحانات وفقًا لما هو منصوص عليه في المادة (116) من نظام العمل.
- الإجازات الاتفاقية مع صاحب العمل، التي تكون بدون أجر، والتي لا تزيد مدتها عن عشرين يومًا متقطعة خلال سنة العمل.
كيف احسب مستحقاتي بعد الاستقالة
إنه من الطبيعي أن أول سؤال يرد في ذهن العامل الراغب في تقديم استقالته هو (كيف احسب مستحقاتي بعد الاستقالة؟)
وحقيقة الأمر أن مستحقات العامل بعد انتهاء العلاقة العمالية لا تختلف -أصلًا- سواء كان تركه للعمل بموجب الاستقالة أو بأي سبب آخر مشروع،
وكل الاختلاف يمكن في مكافأة نهاية الخدمة عند الاستقالة، وسبق أن بينا تفصيل ذلك أعلاه، أما عن باقي المستحقات العمالية فهي مشتركة، ونوجز مستحقات العامل عند الاستقالة، فيما يلي:
- مكافأة نهاية خدمة: بموجب المادة (85) من نظام العمل.
- بدل الإجازات السنوية غير المتمتع بها: بموجب المادة (111) من نظام العمل.
- الأجور التي لم يستلمها العامل أثناء مدة سريان عقده: بموجب المادة (61) من نظام العمل.
- شهادة خبرة عن مدة الخدمة: بموجب المادة (64) من نظام العمل.
- أجر عن ساعات العمل الإضافية: بموجب المادة (107) من نظام العمل.
- استعادة كافة الوثائق والشهادات الخاصة بالعامل: بموجب المادة (64) من نظام العمل.
مدة استلام المستحقات بعد الاستقالة
إن مدة استلام المستحقات بعد الاستقالة، والتي يلتزم فيها صاحب العمل بتصفية كامل مستحقات العامل هي مدة أقصاها (أسبوعين) تبدأ من تاريخ قبول الاستقالة.
وبالتالي؛ لو مضت هذه المدة دون أن يقوم صاحب العمل بتسليم العامل مستحقاته؛ فإنه يحق للعامل التقدم بشكوى لمكتب العمل، ومن ثم؛ دعوى أمام المحكمة العمالية.
نموذج مخالصة باستلام جميع مستحقات
بعد أن تناولنا جميع المسائل المتعلقة بتقديم العامل لاستقالته، لم يتبقَ سوى أن نشارككم نموذج مخالصة باستلام جميع مستحقات (نموذج مخالصة باستلام جميع مستحقات).
ملحوظة هامة للغاية: المخالصة العمالية لها اشتراطات في نظام العمل، ومخالفة هذه الاشتراطات قد يترتب عليه اعتبار المخالصة باطلة، وبالتالي؛ سيتمكن العامل من الحصول على مستحقاته مرة أخرى رغم أنه تحصل عليها مسبقًا.
الاستقالة في فترة التجربة السعودية
من المعلوم أن المادة (53) من نظام العمل قد أجازت الاتفاق في عقد العمل على أن يكون فيه فترة تجربة، بحيث يكون من حق أيٍ من طرفي العقد -سواء العامل أو صاحب العمل- إنهاء العقد خلال هذه الفترة دون الالتزام بدفع تعويض للطرف الآخر.
وإنه وفقًا لما بينّاه آنفًا من أن الاستقالة يشترط أن يوافق عليها صاحب العمل؛ لتكون سببًا مشروعًا يتمكن بموجبه العامل من ترك العمل؛ فيتضح أن الاستقالة في فترة التجربة السعودية لا مجال لها أصلًا.
إذ لو رغب العامل في ترك العمل خلال فترة التجربة؛ فإن كل ما يجب فعله هو إرسال إخطار لصاحب العمل يشعره فيه بأنه لا يرغب في استكمال العمل، دون الحاجة للحصول على موافقة صاحب العمل من الأساس.
ولكن وجب التنبيه إلى أن بعض عقود العمل على الرغم من أنها تتضمن فترة التجربة، إلا أنها قد تعطي الحق في إنهاء العقد لصاحب العمل فقط،
وهو ما يعني أن العامل لا يحق له أن يترك العمل إلا بموافقة صاحب العمل، ومن ثَم؛ يتعين على العامل في هذه الحالة تقديم الاستقالة في فترة التجربة السعودية مع مراعاة باقي الشروط والضوابط التي بيناها تفصيلًا آنفًا.